Sunday, December 13

من التحرير الي الأزهر

 كنت اتمشي في التحرير مساءا،

الجو باردا ليلا..
سمعت همس خلفي خافت هاديء.
لم انزعج، التفتُ بهدوء.
كان طفلا ماسكا يد امه، يمشي خلفي.
لم اتبين عمره..
لكن علي الارجح اقل من ٣ سنوات..
سعيد بمهارته في المشي علي قدميه (زيه زي الكبار)


كان كأنه يناديني ،
التفت اليه وابتسمت له.
اتكسف..
اخفي وجهه خلف امه.
ثم نظر اليها، فابتسمت له ابتسامة هادئة..
ليس فيها ذرة لوم بل مليئة بالحب و التشجيع؛
ان يكتشف..

اخرج وجهه من خلف امه
وابتسم لي، ابتسامة الاطفال الساحرة..
نظرت انا لأمه كأني استأذنها في اللعب معه.
ابتسمت لي ابتسامة هادئة..
ليس فيها ذرة تشكيك مليئة بالثقة في الانسانية..
لاعبته بوجهي دون ان اتوقف؛
pikaboo


ابتسم لي و ضحك واختفي خلف امه مرة ثانية..
ونظر لأمه ليكتسب من اطمئنانها لي، اطمئنانه.
ذلك الخزي الصحي.
ان يعرف حدوده،
لن يطمئن لغريب لا تثق فيه امه.
هكذا ادرك بفطرته، ان امه تحميه.
لن تسمح لشخص ان يأذي ابنها..

نظرت أمه له مرة اخري بابتسامتها الهادئة.
فلاعبني و لاعبته ..
استطيع ان اجزم انه هو من كان يلاعبني ..
يضحك هو، فاضحك أنا..
اخفي وجهي خلف يديا ويخفي وجهه خلف امه.
دون ان يترك يدها.
ينظر لها من فترة لاخري ليطمئن انها مطمئنة.
وتطمئنه .

استمرينا في اللعب لفترة
الشمس ساطعة و نحن تحت ظلال الاشجار
صوت العصافير الهاديء يطمئننا..
لا توجد اصوات سيارات مزعجة و لا عوادمها الخانقة..
ظللنا علي هذا الحال فترة
ماسكا في يد امه.

توقفت للحظة، توجست ان اكون مسببا عطلة للام في مشوارها.
نظرت لها متمنيا الا اكون اخرتها !!
لم اجدها
ونظرت للطفل
لم اجده !!
الم تكن الشمس ساطعة حين كنت الاعبه؟!
الم تكن العصافير مغردة بين اغصان الاشجار؟!

وجدت نفسي في الازهر،
القاهرة الفاطمية، مباني تعود لالف عام.
الجو باردا ليلا ..
نظرت الي جامع الازهر.
وقفت امامه؟!
ألم اكن في التحرير، كيف وصلت الي هنا!


تسائلت علي الزمن، هل انا في عام ٢٠٢٠ ام في عام ١١٠٠ (عندما بُني جامع الازهر) ؟!
هل الجو باردا؟! اذا لماذا اجد نفسي متعرقًا؟
اكان الطفل موجودا حقا ؟! لماذا انا سعيد هكذا !!
متيقن ان الاطفال يدخلون السرور لقلوبنا اكثر مما ندخله نحن اليهم..

كانت لحظة و لا اي لحظة!!!
امتزج فيها الوعي مع اللا وعي؛
الزمن مع اللا زمن؛
الواقع مع ما وراءه؛
برودة ليل الشتاء مع دفء شمس الربيع.
صوت العصافير الهادئة مع ضوضاء التكاتك!!
انها لحظة.

الطفل ناداني لاعبني
و لاعبته؛
هو من ادخل السرور لقلبي
بمسكه يد امه؛ بثقته في أمه.
خزيه الصحي تواصل مع ضعفي الداخلي !
his healthy shame connected with my inner weaknesses and insecurities..
اخرجني من الزمن و المكان؛
بثقته في حماية امه..


حين استرجع هذا الموقف..
اتذكر وجه الطفل
و لا اتذكر من امه الا يدها التي تسنده و ابتسامتها له اولا
و لي ثانيا.
فتأثير الأم دائما حاضرا في أي مشهد في الحياة.
ان وثق فيها الولد نما.. و ان خاف منها بهت وخفت..
ربما وُجد هذا الطفل داخلي و ليس خارجه..
ربما كنت هذا الولد..
لا أعرف، فلم أكن في هذا العالم،
كنت في عالمه هو (عالم الطفل الذي ناداني) و في زمنه..
ألذي هو عالم غير الذي انا فيه الآن..

No comments:

Post a Comment

function excerpt_read_more_link($output) { global $post; return $output . ' Read More...'; } add_filter('the_excerpt', 'excerpt_read_more_link');