Monday, August 14

الأميرة

كانت محتارة في أمرها، 
فهي الأميرة بنت الأمراء، الجميلة بين الجميلات، 
تختلف كثيرأ عن باقي الأميرات، فهي محبة للضحك و محبة للأغاني، 
تجلس كثيرا مع  زميلاتها البنات، أولاد التجار، 
تشاركهم و تمازحهم، و لا تنأى أن تعرفهن كصديقاتها. 
و كانت مميزة في شيء، فهي تختلف كثيرا عن زميلاتها، فبألرغم من جمالها، كانت تحب  الرياضة و العلم، 
تجيد ركوب الخيل، و المبارزة بالسيف، 
هذا شيء غريب في هذا الزمن، 
بالرغم من إختلافها، لم ينتقدها الشيوخ، ربما لمعرفتهم بأبيها الذي كان متواضعا محبوبا، 
أو ربما أنها لم يصدر عنها أي شيء كان مستهجنا منها، 
عمتي تقول إنها إبتسامتها، 
لديها إبتسامة بريئة و جميلة و ساحرة، 
بالرغم من جمالها، لم يكن الجمال المشتهى، لا أعرف هل تفهمون مقصدي، 
يوجد نساء تنظر فقط لعيونهم، يحترق قلبك شهوة، و يطير النوم من عينيك، 
و يوجد جمال أخر، لبنات لا تقل أنوثة، 
لكنه هادئ، بسيط، لطيف، تجد الأبوة تطغى على شهواتك، 
و تري أنك تود أن تحضنها كأب لطفل صغير.

عمتي كانت صديقة الأميرة، 
و بما إن عائلة أبي من الأعيان، فكانت مقربة لها، 
أعجب بها أبي، مما يسمع من عمتي، 
و سألها، "هل تظنين إنها قد تهتم بي، هل تقبل بي زوجا."
هل أخبرتكم عن أبي؟ 
لم أفعل بعد. 
إذا سأخبركم، عنه و لكن هذا موضوع أخر، 

عمتي ظنت في نفسها أن أميرة لن ترفض أبي، من عساه أن يرفض، فهو قريب الأمراء ومن أعيان البلدة، تجارته ناجحة، رأيه قويم، محبوب، وذو هيئة مقبولة، 
او أهم ما يميزه عينان بسيطتان، 

تجرأ وتقدم لها، 
لكن ما حدث هو العجب، 
كأنها أهينت !!
عمتي قالت لأبي، منذ أن قابلتها، تغيرت، 
كلمتني مرة عنك، إنها أعجبت ببساطتك، و أنها تشتاق لرؤياك، 
لكن، 
كأنها لاحظت إنها أميرة، وإنك لست أمير!!
أدركت ما كان معروفا لكن مسكوت عنه، 

قابلته عدة مرأت، 
و بعدما أحبته و أحبها. 
تركته، 
بل و تركت أصدقائها البسطاء، و تركت بساطتها، 
أدركت أنها الأميرة، انزوت بعيدا بعد أبي، كأن لعنة أصابتها.

قال لي أبي، "كأني الشيطان، أخرجت المارد الرابض في صدرها. 
كان مكتوما، لكنه كان هناك، رأيته من أول يوم، 
كان إعجابي ببساطتها لا حدود له، 
لكن كان كل لقاء يختلف عن اللقاء الذي قبله، 
كانت تزداد غرورا، و تزداد إعجابا بنفسها. 
لا أعرف يا بني إلى اليوم، هل في شيء مما قلت غيرها."

سألته، هل تشتاق إليها، قال "لا يا بني، الاشتياق هو للسلام و للسكينة، 
لكن كانت كالملاك، و بين عينيها رضا الإله، في أول مرة، 
و كانت كالسلطان، في أخر مرة ألقاها، كان بين عينيها، الدينونة و القضاء." 

ربما كنت أداة القدر لمعرفة ذاتها، أو كنت اختبار إبليس، الذي لم تنجح فيه، 

هل مازال يؤلمك الأمر يا أبي، 
قال، "ليس بيدينا تغيير الأقدار، و ما قد حدث حدث."

أين هي الآن يا أبي، 
في القصر، تعمقت في دراستها أكثر، و تجنبت الناس،
قلت إبتسامة وجها، و زاد وجومها و إصرارها على النجاح، 
لم نعد نسمع عنها، حتى زادت الإشاعات، 
يوجد من أكد موتها، و هناك من قال إنها سافرت، و تعيش وحيدة إلى اليوم، 
و يوجد من الإشاعات قبيحها، و كعادة البشر، لا يبقي من الإشاعات إلا قبيحها!

سأحكي لكم لماذا تذكرت القصة في مرة أخري.




No comments:

Post a Comment

function excerpt_read_more_link($output) { global $post; return $output . ' Read More...'; } add_filter('the_excerpt', 'excerpt_read_more_link');